علبة كبريت بقلم عبدالهادى زيدان

كانت زيارته الشهرية لأم مسعد لها من الارهاصات ما يجعلها تتعجل وصوله..اما بالنسبة للاستاذ العوامي فهي زيارة جديرة بإلقاء كثير مما اصابه من صدى جرا ء مشاغل الدنيا او الانشغال بها..ام مسعد الوصول اليها صعب هي في منطقة لم يسمع عن اسم لشوارع فيها ولكن من الممكن الاسترشاد ببعض الاشياء المؤدية اليها ...قبل الوصول اليا ستري اكوام القمامة ترتفع يوما بعد يوم يقابلها من الجهة الاخري جيوش من الحشرات والفئران والقطط...العجيب ان الفئران اكبر حجما من القطط...صوت نباح الكلاب لا يتوقف..عربات تجرها الحمير..عوادم السيارات ترسم بظلالها الكئيبه لونا قاتما علي جدران مساكن الايواء في امبابة..هنالك تقطن ام مسعد علبة كبريت..نعم ..نعم..انها فعلا علبة كبريت..مساكن الايواء هي غرفة لكل اسرة..حمام مشترك لكل طابق..ام مسعدتقطن علبة كبريت في بدروم مساكن الايواء..البدروم به عشرات الغرف متوازية..تنتهي الي حمام له شبه باب..ام مسعد تحيط بابنائها الذين يصعب عدهم..مسعد ينام بجوارها علي السرير..عصام علي الارض المبتله ببقايا صرف غير صحي..بناتها اللائي طلقن واللائي ينتظرن واولادهن ينمن تحت السرير..التنفس اهم امنيات ام مسعد....صوت اطفال تئن علي بقايا من طعام..صوت خطوات لا تنقطع جيئة وذهابا....ابخرة تتصاعد من موقد ام مسعد المتهالك..الكل ينتظر قدوم الاستاذ العوامي...العوامي لا يأتي الا محملا بأكياس الدقيق والارز والسكر ..يده تعرف ما يحتاجون..هم لا ينظرون اليه كمحسن وانما كواحد مسئول عنهم رغم معرفته اللاقديمة بهم وبظروفهم.
.البنت الصغري نادت ..عمو..عمو..دخل كعادته محاطا برحابة اللقيا.
رحبت به ام مسعد كعادتها
كيف هم اولادك ؟
حمدا لله قالتها مصحوبة بالأسي
مسعد كما هو من البيت للقهوة منذ حصوله علي الدبلوم
. عصام يرغب في زواج من ابنة جارتي
..صبحي شغال في الفرن
..البنات كما تري..منهن من طلق ومنهم من تنتظر.
.صدعتك يا استاذ.
.افتح التلفزيون يا مسعد.
.فرح العوامي بتشغيل التلفزيون كي يستريح من عناء هموم ما شعر به..لا بأس نشرة الاخبار...يا رب خير:..اخبار سارة هكذا قال المذيع..انها اخبار تتحدث عن وضع خطط حاسمه وقويه لحل مشكلات الاسكان والتلوث والرشوة والفساد والشباب.
سعيدة ام مسعد بالاخبار...اولادها لم يتنبهوا لما سمعت..العوامي يحسدها علي فرحتها وتصديقها..اخرج شيئا من محفظته ..مده لها.. امسكت به...خرج العوامي مسرعا مارا بالغرف المتوازية وسط بركة ماء تؤدي الي حمام تستطع ان تري من بداخله دون جهد يذكر...حاول العوامي ان يتجنب النظر الي من حوله وخاصة ان روائح عديدة زحفت الي انفه..نواح اطفال..آهات تسمع وتختفي ..فرقعات تتزايد..احذية تتقاذف...هو نفسه لا يعرف كيف صدقت ام مسعد الاخبار!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

» اذان بلا فجر بقلم /عبدالهادى زيدان
» اغتيال فكرة بقلم عبدالهادى زيدان
» العودة الى النفق بقلم عبدالهادى زيدان
» تواطؤ انثى بقلم عبدالهادى زيدان
» عناق مالا يجىء بقلم /عبدالهادى زيدان

علبة كبريت بقلم عبدالهادى زيدان

علبة كبريت بقلم عبدالهادى زيدان :: تعاليق

علبة كبريت بقلم عبدالهادى زيدان

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة