قطار العمر

كم عجبت من قطار العمر هذا فحينما تشعر الفتاة باقتراب سن الخامسة عشر تبدا اهتمامها بذاتها من منطلق ما يقوله الاهل والاقارب"ياااه البنت كبرت وبقت عروسة" والدعاء لوالدتها باستمرار "تعيشي وتفرحي بيها" ومن هنا تبدا الفتاه بالتفكير مرارا"امتى بقى يفرحوا بيا؟ " ، تبدا الاهتمام بمظهرها وملابسها واناقتها لتقنع نفسها قبل الاخرين بانها فعلا كبرت ولازم يفرحوا بيها
هذا بالفعل ما حدث لها عندما شعرت انه اتى اليوم الموعود اللى لازم يفرحوا بيها كان يوما سماؤه مشرقه وطلت هى من نافذتها حتى رأته ابن الجيران ،يلاحقها بنظراته مرارا وتكرارا لكنها تخشى على اسمها وعائلتها من اى كلام يشوبهمافهى سليلة الحسب لايصح ان تاتى مثل هذه الاشياء المحرمة على امثالها من بنات العائلات
وبالفعل عرف الفتى كيف يستاثر عليها واستغل سذاجتها بالحب للوصول لقلبها العذري،اقنعها انه فى اخر سنوات دراسته وسيتقدم لها حتى لاتخجل من اى شئ يقربها من حبها
وفعلا نفذ وعده لكنها فوجئت بشخصية اخرى تختلف عن الذى احبتها فيه
اصطدمت حين رات رجولته بدات تطغى عليها وبقسوة لم تشهدها منه قبلا ،تحكمه فيها ،رغبته فى امتلاكها دون اعطاءها الحق فى التنفس بعيدا عن مجال هواءه وهى التى لم تعتاد البقاء فى سجن الحب حتى لو كان هواءه رحيقا مختوما
خرجت من اسر حبها وتمردت على قلبها بل اعدمته حينما تخلصت من حبها الاول ،ولكنها اخذت عهدا على الاتقع اسيرة لهذا الذى يسمى الحب مهما كان الثمن بل استغل جمالها واسمها للايقاع بافراد ليس لهم ذمبا الا ان احبوها بصدق بعد ان رمت تقاليدها بعيدا عن افكارها،من تأسر قلبه ترميه خوفا من الوقوع هى فى اسره
نضجت فاصبحت تأسر كل من يراها فهى يافعة الجمال نضرة الوجه مليئة بالحب المدفون فى عينيها بانتظار من يأسر قلبها المسلح ضد الحب
بدأت تشعر بالملل ممن يحيطونها بعبارات الشوق والغزل فهى حقا تريد سماع مثل هذه الكلمات ولكن ليس من هؤلاء الافراد
ان املها لايزال قائما فى الرجل الذى يحمل معانى هذه الكلمة وليس وصفها فقط ،رجلا يستطيع تتويبها عن رحلة انتقامها ،ينسيها قسوة حبها الاول وهيمنته على ذاتها حتى افقدها الثقة فى مثل هذا الجنس،وها قد اتى اليوم الموعود،ظهر امامها فجاة ولم تكن تحسب بانه آت ولكنه القدر يأتى بما لا تشتهيه الانفس
ظنت لوهلتها الاولى انه مثل غيره ممن تعرفهم لكنه خيب ظنها لم يعرها اهتمامه التى كانت تنشده،كانت تفرح لجفائه هذا بقدر رغبتها فى ان توقعه تحت شباكها
تتساءل هل وقعت فى الحب مرة اخرى "لن اسمح بحدوث هذا ابدا طالما حييت ،لن اقع فى الاسر ثانيا"لكنها وقعت اسيرة لعذاب قلبها ،لم تستطع اعدامه كما فعلت قبلا ،لم يعد قادرا على تحمل قسوتها ،لم يرضخ هذا القلب على ان يرضخ لاوامرها كسابق عهده وانما تمرد وخرج من كبته ،انفجر بكل ماشهد من غرام ليقع اسير فى حب الرجل المنتظر
لكن يالقسوة القدر عليها وكأنه يصفعها بالموت لياخذ بحق من احبوها فتجرعت ما أسقته لاحباءها من عذاب وسهر وشوق ولهفه بل وخيبة امل من رجلها المنشود
لم يأبه لحبها وتوسلاتها لم يسقها رحيقه التى كانت تتلهف اليه ،ويبدو انها احبت دور الاسيرة فتمادت فى اتقانه اظهرت دموعها الى لم تذرفها يوما طمعا فى التأثير عليه وكانها كانت تحتفظ بها لاظهارها لرجل واحد من دون العالم لجلادها ولكن هيهات فلتشرب ما سقته لقلوب اسراها البريئة ،ولم تحفل لنفسها وهى تتمنى الموت كى يطرق على مسامعها كلمة امل تسعد بها قلبها الشقى وهو كالمتجمد من تصرفاتها لايبالى بأيا مما تقول
خرجت ولم تدر الى اين تأخذها خطاها الى امل جديد بحب يعوضها، ام لاستكمال رحله انتقامها ،ام لوسيله تنهى بها حياتها البائسة
وكأن القدر فتح ابوابه لامنيتها فى التخلص من قلبها الحائر الشقى ،لم تدر وهى سائرة على شريط القطار انه بقى فى عمرها ثوان تبدي فيها ندمها على ما فاتها من حياة وحب لو كانت تجرعته لكفاها سعادة ولكن ليت كلمة "لو" تتحقق فقد فات الاوان
سمعت صوت القطار قادم وكانه صوت عرسها التى لم تشهده فأغمضت عينيها واستسلمت لواقعها وانتظرت املها المنشوود
تمت......

» نشيد جميل رفيق العمر

قطار العمر

قطار العمر :: تعاليق

قطار العمر

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة